العولمة والغزو الفكري .

العولمة والغزو الفكري .

محمدأحمد الصديق البلولة

لم تكن المعرفة وليدة عصر من العصور أو حضارة من الحضارات . بل هي صالحة لكل الأزمنة لحاجة الإنسان إليها لمعرفة ما يدور حول العالم ؛ فعليه من الصعب أن تسير الحياة من دون أن يتصل الناس بعضهم ببعض عبر الوسائل المتاحة . لذا كان تأثير تبادل المعرفة والحضارات بالغ الأهمية منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى أدم عليه السلام إلى يومنا هذا .
لكن اليوم تطورت طرق تلقي المعرفة وسُخرت كل الإمكانيات من علوم ماديه بالإضافة للاستفادة من مختلف العلوم الإنسانية {كعلم النفس والإدارة و الاجتماع ... وغيرها من العلوم الأُخرى } . الأمر الذي أدى إلى تطوير أساليب توجيه الرأي العام وابتداع طرق جديدة في المخاطبة والتأثير، لذا نلاحظ أنّ الإنسان المعاصر أصبح أسيراً للوسائط التي تتدخل في حياته الدنيوية والأُخروية {الفضائيات ، الإذاعة ، الكتب ، سرطان العصر الإنترنت }. وتؤثر في اتجاهاته الفكرية كما تؤثر في شئونه الاقتصادية . بل العلاقات الاجتماعية لم تسلم من تأثيرها . غير إني أحسب أنّ تأثير هذه الوسائط في جانب العلاقات الاجتماعية والشئون الاقتصادية جاء في الجانب الايجابي لأنّه سهل كثيراً في كيفية التواصل . خاصة ُ المناسبات السعيدة ( التهاني بالأعياد و الزواج ) هذا علاوة على استقبال التعازي و مواساة المرضى و التخفيف عليهم .
أما الجانب السلبي لهذا التأثير يندرج في نشر الإباحية بكل صورها عبر الانترنت والفضائيات وعروض الفيديو حتى وصل إلى أن يكون الإنسان في بعض المجتمعات عبداً مسخراً لهذه الوسائط التي تدفع به في كل الاتجاهات . الشيء الذي مكّن المبادئ الهدامة والجهات الخبيثة إن تسيطر على الرأي العام باستخدام بعض ملامح المعرفة البناءة لستر وتغليف الإنشطة الهدّامة إمعاناً في التضليل و إتكاءاً إلى ( مقالة حق يُراد بها باطل ) . بل نجد في كثيرٍ من البلدان الإسلامية أن هذه الوسائل عبثت بفكر الجماهير وعواطفها مبررةً سياساتها العدائية و أعمالها الإجرامية بالعولمة ناشرةً الفساد الذي لوّث العقيدة مستخدمةً سلاح المكر والحيلة والكذب والاحتيال و التزوير مستخدمةً الإعلام المنحرف وهو أيضاً إعلام ؛ لكنه ضال مضل لافتقاره العناصر الأخلاقية التي تجعله مقبولاً ومحترماً وبناءاً وهذا ما يدعو للتحذير منه والوقوف في وجه أضاليله . لان هدفه الأساسي مزج السُّمَ بالدسم والحلو بالعلقم والغث بالسمين . السبب في ذلك يرجع لأرباب الأسر بإتاحتهم الفرصة لنسائهم وأولادهم للغوص في أوحال اللهو والدنس . إذن فكيف الخروج من هذا المأزق؟؟
وللإجابة على هذا السؤال لابد لأرباب الأسر من توجيه أسرهم لمتابعة الفضائيات الوطنية والفضائيات التي تراعي حرمة الدين . وذلك بتوجيه النساء والأولاد للإنصات لصوت الحق بالرجوع للنفس لتتحسس الآثار السالبة التي تبث عبر كثير من الفضائيات بإرشادهم وهدايتهم للطريق القويم والأخلاق الفاضلة بإتباع الحكمة والموعظة الحسنة ، ولتحقيق ذلك لابد أن نتبع اوسائط البناءة التي تخدم الأمة الإسلامية عقيدةً وسلوكاً حتى يكون معطاءً للخير ليس لديه هدف سوى إرضاء الله ثم إصلاح الرعية . فالإعلام الذي نريده لمجتمعنا المسلم كمصدر أساسي هو إعلام إسلامي بناء يخدم الأسرة المسلمة ويربي الشباب على تقوى الله . لأنّ هذه الأمة لا يزال الخير فيها لقوله سبحانه وتعالى (كنتم خير أُمَّةٍ أُخرٍجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهًون عن المنكر ) صدق الله العظيم بهذه الأُمّة طائفة قائمة على الحق لقول الرسول صلى الله عليه و سلم ( لا تزال طائفة من أُمتي قائمة على الحق ظاهرة لا يضرها مَنْ خذلها إلى يوم القيامة ) إذن الأمل معقود أن يعي الآباء تلك الحقيقة وأن يلتزموا بتوجيه أسرهم لمتابعة ومشاهدة وسائل الإعلام بالطريقة الصحيحة المُثلى للاستفادة من الأساليب العصرية الشريفة لتحقيق غايات الإسلام و أهدافه السامية .
والله أسأله حسن المقصد .